كيف نساعد الشباب على تنمية مهارات التفكير ؟
إلى أي نوع من المفكرين ينتمي ابنك/ابنتك؟
- هل يعتقد أن كل شيء يقرأه أو يراه على شاشة التلفزيون صواب؟
- هل هو أو هي دائماً ما تستكشف كيفية الوصول إلى ما يريد؟
- هل يسير خلف ما يقوله أو يوحي له به أصدقائه؟
يمكن للوالدين مساعدة أبناءهم/بناتهم في تطوير مهارات التفكير النقدي وذلك بتعلم بعض المبادئ التوجيهية الأساسية. سواء أكان الابن/الابنة في بداية العطلة الصيفية أم في خضم السنة الدراسية، فإنه يمكن للوالدين أن يساعدوا أبناءهم في الحفاظ على عقولهم في حالة نشطة بطريقة ممتعة.
ويجب أن نعلم أن مهارات التفكير الناقد لا تنمو على أكمل وجه قبل الوصول إلى مرحلة المراهقة، ولكن مع ذلك يمكن للوالدين وضع الأسس اللازمة لحسن التفكير لدى أبنائهم الأصغر سنا. يمكن للوالدين أن يعملوا على تنمية الفضائل الفكرية الأساسية التي تؤدي إلى التفكير الناقد.
بشكل عام، هناك ثلاثة طرق للتفكير عادة ما يتبعها الصغار:
- بعض الشباب يفكرون بطريقة ساذجة، فنحن نعوِّد أبناءنا، بطريقة غير مباشرة، أنه لا داعي لأن يفكروا، فنحن سنفكر عوضا عنهم. كثير من الأطفال يصدقون كل ما يقال لهم، أو كل ما يسمعونه في التلفاز، دون أن يطرحوا كثيرا من الأسئلة حول صحة أو دقة ما يسمعون أو يقرأون.
- وبعضهم يفكر بطريقة أنانية، فهم يفكرون كثيرا كي يحصلوا على ما يريدون؛ فالبعض يعتقد في الحصول على كل ما هو ضروري لتحقيق أهدافه الشخصية، بغض النظر عن ما إذا كان هذا يضر بالآخرين.
- والبعض يفكر بعقول منصفة، فهم يفكرون كثيراً لأن ذلك يساعدهم على التعلم. هم في الغالب لا يصدقون كل ما يقوله الآخرون أو ما يرون ويسمعون في التلفاز. وهم يفكرون في "كيف يفكر الآخرون" وليس فقط كما يفكرون هم أنفسهم. فهم لديهم الدافع لفهم الآخرين محاولين وضع أنفسهم مكانهم.
ما هو "التفكير الناقد"؟
يشتمل التفكير الناقد على عدد من المهارات المختلفة التي تساعدنا على تعلم كيفية اتخاذ القرارات. وهو يشير إلى القدرة على تقييم المعلومات لتحديد ما إذا كانت صوابا أو خطأ. أن تفكر بطريقة ناقدة حول قضية أو مشكلة ما، فهذا يعني أن تكون متفتح الذهن، وأن تنظر في طرق بديلة للوصول إلى حل. وعندما ينمو الأطفال في مرحلة ما قبل المراهقة، فإن اكتساب مهارات التفكير الناقد سوف تساعدهم على إصدار أحكام مستقلة عن الوالدين. وحتى يفكر الأطفال بطريقة جيدة، فإنه يجب عليهم أن يدركوا أن التفكير نشاط ممتع، وأن تتكون لديهم الرغبة في ممارسته بطريقة جيدة كنشاط ممتع ومثير. ويمكن للآباء جعل التفكير ممتعا طوال العام الدراسي، وكذلك خلال فصل الصيف والإجازات، تماما كما هو التنزه أو ممارسة كرة القدم.
خمس طرق لمساعدة أطفال على التفكير الناقد:
هناك خمسة معايير فكرية Intellectual Standards لتنمية "التفكير الناقد"، يجب على الآباء تعلمها أولا، ومن ثم مساعدة الأبناء على اكتسابها بداية من المرحلة الابتدائية. على الآباء فهم هذه المعايير وتعليمها لأبنائهم والتفاعل معهم بالطريقة التي تعزز هذه المعايير الخمسة.
1. الوضوح: TO BE CLEAR
أطلب من ابنك/ابنتك أن يكون "واضحاً" وأن تكون عباراته وكلامه "واضحة"، وعندما يسمتع إلى شيء لا يفهمه أن يطلب تفسيرات وأمثلة. واسمحوا لأبنائكم أن يعرفوا أنه لا بأس من الالتباس وطرح الأسئلة.
2. الدقة: TO BE ACCURATE
حث ابنك/ابنتك على "أن يكون دقيقا"، أن يتحقق ليعرف ما إذا كان شيئا ما صحيحاً أم لا، وذلك بالتحري عن الحقائق التي ترد في الكلام.
3. المناسبة TO BE RELEVANT
شجع ابنك/ابنتك على أن يفهم التمييز بين المعلومات ذات الصلة بالموضوع أو المشكلة المطروحة للنقاش، وأن تساعده على البقاء على المسار الصحيح بالربط بين المعلومات ذات الصلة وذات مغزى للوصول إلى الإجابة على السؤال أو الموضوع المطروح، والتعرف على المعلومات غير ذات الصلة وغير المفيدة.
4. المنطق TO BE LOGICAL
ادعم قدرة ابنك/ابنتك على "أن يكون منطقيا"، وذلك بمساعدته على رؤية كيف تتلاءم الأشياء مع بعضها البعض. يجب أن تسأل طفلك على إدراك "كيف" توصل هو إلى استنتاجاته، وما إذا كانت افتراضاته صحيحة أم لا، وكيف يتحقق من ذلك.
5. العدالة TO BE FAIR
ساعد ابنك/ابنتك على أن يكون عادلا، وذلك من خلال تعزيز التعاطف في معالجاته الفكرية. بمعنى، ينبغي أن نساعده في اعتبار وجهة نظر الآخرين وكيفية رؤيتهم المختلفة للأشياء عند استخلاص النتائج.
وهنا يجب التأكيد على ضرورة أن يتحدث المربون والآباء والأمهات مع الأطفال بلغة مشتركة حول معايير التفكير الناقد، وتوظيفهم لها طوال العام، ولا سيما خلال أشهر الصيف وذلك بالتزامن مع كل الأنشطة اليومية، عندها سوف يتعلم عقل طفلك التفكير نقديا في العالم.
التفكير الأخلاقي Moral Thinking:
مما لا يلتفت إليه كثير من الآباء هو تنمية التفكير الأخلاقي لدى الأبناء منذ الطفولة المبكرة. والتفكير الأخلاقي هو العملية التي يحاول فرد من خلالها تحديد الفرق بين ما صواب وما هو الخطأ باستخدام المنطق، وهو يعني بإدراك الطفل لقيم العدالة والمساواة والحق والمنفعة العامة. يجب أن ننشئ الأطفال على أن يكونوا حساسين للمسائل الأخلاقية وأن تكون لديهم القدرة على تحديد الصواب في المعضلات الأخلاقية. كثير من الأطفال ينشأون على تغليب المنفعة الذاتية الشخصية على النفع العام، لذا يميلون إلى تسخير ذكائهم ومواهبهم لمنفعتهم الشخصية، وتقديم هذه المنفعة على الصالح العام (إذا تعارضت معها).
تعزيز التفكير المتفتح النشط Actively Open-Mindedness Thinking:
يعد الميل نحو التفكير غير المتحيز وأنماط التفكير المتحررة من السياق التي تدعم الميل إلى تقويم الآراء والشواهد بطريقة لا تتأثر بالمعتقدات المسبقة للفرد أحد أهم خصائص التفكير الناقد. وقد اعتبر العديد من الباحثين في مجال التفكير الناقد أن ميل الفرد إلى التفكير انطلاقاً من الجوانب التي لا يؤيدها وعدم السماح للاختلاف في الرأي بالتأثير على تفكيره، وقدرته على قبول الآراء التي لا تتفق مع رأى الفرد الشخصي في حالة ثبوت صحتها، وقدرته على إدراك عدم صحة آرائه الشخصية، واحتمالية التحيز في تلك الآراء، وخطر تقييم الشواهد وفقاً للتفضيلات الشخصية، جميعها خصائص مهمة للتفكير الناقد ومميزة للأفراد الذين يفكرون بصورة ناقدة.
وتختلف الميول نحو التفكير والقدرات العقلية في درجة قابليتها للتشكيل، فقد يكون من الصعب إحداث تغيرات كبيرة في قدرات التفكير الناقد كما تقاس باختبارات القدرات الاستدلالية واختبارات القدرات العقلية، وذلك مقارنة بالميول نحو التفكير الناقد التي يمكن التأثير فيها بشكل كبير. لذا فإني أرى الاهتمام بتعديل الميل نحو التفكير المتفتح النشط كمخرج تعلم معرفي دال على نمو مهارات التفكير الناقد. فهذا النمط من التفكير، بالإضافة إلى أنه قابل للتعلم والتعديل، فهو يتضمن عمليات عقلية تؤدى إلى صياغة اعتقادات إبستمولوجية على درجة كبيرة من الأهمية، وشبكات أكثر إتساقأ لضمان خيارات أفضل للأفعال.
هذا النمط من التفكير المنفتح المتحرر من السياق يعتبر علامة قوية على الاستقلال المعرفي ونضج الشخصية؛ فالطالب القادر على ممارسة التفكير العقلاني المرن وغير المتحيز والقادر على تقييم الآراء والقضايا بطريقة منطقية هو شخص لديه درجة كبيرة من الاستقلال والوعي بالذات، وفي الغالب هذا هو ما يميز الشخصية المنتجة والناجحة.