هذه هي المقالة الأولى من ضمن ثلاث مقالات في استكشاف تجارب الطلاب السعوديين الموهوبين في أبحاث ما قبل الجامعية والتأثير العميق الذي أحدثته على حياتهم. سيكون التركيز على التوقعات العامة لرحلتهم، والصعوبات التي واجهوها خلال تلك المرحلة. وكيفية إيجادهم كطلاب استثنائيين، طرقًا إبداعية للتغلب على تلك الصعوبات والتعلم منها.
التقيت لأول مرة ود السعدون قبل عامين في ورشة عمل بحثية علمية (إبداع) في المنطقة الشرقية. وأدركت على الفور أنها كانت طالبة متميزة ذات إمكانات تؤهلها أن تحظى بمستقبل واعد في أحد تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM. وكانت تصرفاتها حينها تعكس طموحها واهتمامها الجلّي بمشروعها. فيما يلي لمحة عن مساعيها للبحث العلمي، إلى جانب نظرة عامة وشاملة للتجربة.
القصة
أقوم دائمًا بإخبار الطلاب بأن أفضل طريقة لإيصال فكرة مشروع بحث أو ابتكار هي رواية قصة، لأن هذه هي الطريقة التي ينقل بها البشر المعلومات على نحو فعال لقرون. يحتوي هذا المسعى التعليمي على مكونات معينة تسمح بالحكاية الشاملة التي تجذب اهتمام الجمهور. إن رواية الطالب الموهوب الذي يتنقل في رحلة عبر عملية البحث قوية لأنها تنطوي على الكثير من مكونات بناء الشخصية. وذلك من خلال طرح سؤال البحث، ومراجعة الأبحاث السابقة، والاختبار والتجربة، وتحليل البيانات والاتصال، كل هذا يوفر سلسلة قصة متماسكة ورائعة.
فقد قضت ود ساعات عديدة خلال هذا المسعى على مدى العامين الماضيين، ولديها خبرة مذهلة لمشاركتها مع الآخرين. قدمت قدرتها على التفكير الإبداعي إلى جانب مثابرتها، شكلت أساسيات مشروع ناجح. لم تكن إنجازاتها تتعلق بالفوز في المسابقات، بل كانت تنمو بشكل كبير كطالب وفرد على حد سواء. فيما يلي بعض الأسئلة والأجوبة في مقابلة ود، حيث نسلط الضوء على الفوائد التي حققتها في عملية المشروع البحثي.
المقابلة
متى اشتعلت فيك شرارة الاهتمام بالتعليم والبحث في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات؟
"خلال نشأتي لطالما شعرت بالفضول حول سبب كون كل شيء على ما هو عليه، ولكن عندما كنت طفلة لم أتمكن من فهم ذلك. عندما وصلت إلى المدرسة الإعدادية دخلت في مسابقة حكومية، حيث كان علي كتابة ورقة بحثية، حيث أتذكر أن فئتي كانت في مجال الطاقة أو شيء من هذا القبيل. على وجه التحديد كانت الورقة حول الحفاظ على الطاقة، لقد كانت مثيرة للاهتمام بالنسبة لي لأنني شعرت بأنها معقدة للغاية ولكنها بسيطة! لم أفز أوأنتقل إلى المرحلة التالية من هذه المسابقة، لكنني شعرت بأن هذا هو الشيء الذي لم أكن أعرفه عندما كنت طفلاً، لقد كانت القدرة على المشاركة فيما حولي من خلال العمل في STEM ”
ما هي نصيحتك بشأن الانتقال من مرحلة الاهتمام إلى العمل الفعلي في المختبر؟
"في حالتي، كنت محظوظًة لأن مدرستي بدأت برنامجًا يربط الطلاب بالموجهين من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن لأن مدرستي كانت جزءًا من حرم جامعة الملك فهد. ولكن هناك العديد من الطلاب الذين عملوا بشكل مستقل بدون مدرستهم، على سبيل المثال مع أحد أفراد الأسرة، وبعض الجامعات يكون الاتصال مباشرة بالمراكز، والبعض الآخر ينضم إلى البرامج الصيفية البحثية في موهبة. لا يوجد خيار صحيح أو خاطئ هنا وكل شيء يتعلق بما يناسبك ومشروعك على أفضل وجه".
عندما بدأت مشروعك البحثي لأول مرة، ماذا كانت توقعاتك الرئيسية؟
"في البداية كنت متحمسًة لبدء العمل في المختبر، لكنني توقعت أن يكون مشروعي سلسًا جدًا ويسير على الطريق الصحيح. كما اعتقدت أن لدي خلفية جيدة في مجال مشروعي والذي كان بشكل رئيسي في مجال الطاقة".
ملاحظة
إلى هذه النقطة، من المهم بشكل خاص أن يختار الطالب مشروعًا في مجال اهتمامه. من الواضح أن ود كانت مهتمة بالطاقة وكانت متحمسًة لاستكشاف إمكانات المشروع فيه. في الواقع، لقد ركزت عليه لدرجة أنها قررت مواصلة المشروع في السنة الثانية، مع إدخال متغيرات جديدة في التصميم التجريبي. وتذكر دائمًا الوصول إلى الأسئلة وطرحها، والتحقيق في جميع الفرص الممكنة للمشروع.
لماذا قررت العمل على مفهوم المشروع هذا لمدة عام آخر؟
"لقد اخترت هذا الموضوع في البداية بسبب حبي للفيزياء والاعتقاد بأن البحث في الطاقة المتجددة له تأثير كبير على عالمنا اليوم. في رأيي، إن الرغبة في أن تكون جزءًا من حل المشكلات التي نواجهها اليوم أمر نبيل حقًا ".
ملاحظة
الطلاب الذين لديهم تجربة جيدة في تطوير المشروع هم الطلاب الذين يمكنهم تطبيقه على العالم الحقيقي، تلك التجربة التي تأخذهم خارج الفصول الدراسية وبعيدًا عن الكتب المدرسية، وتتيح لهم الفرصة ليكونوا جزءًا من تجربة تحاول حل مشكلة.
كيف يختلف تطوير المشروع عن تعلم الكتب المدرسية؟
"الحاجة إلى معرفة العلم الذي يقبع وراء التجربة بدلاً من القراءة في كتاب دراسي وتعلمها في الفصل الدراسي تجربة مدهشة، لأنه وخلال الفصل الدراسي نقرأ كتابًا دراسيًا يمنحنا النتيجة النهائية لتجربة أو قانون مبسط في صفحة أو نحو ذلك نحفظها لإجراء اختبار والمضي قدمًا، والذي أشعر حقا أنه يقتل خيالنا".
ملاحظة
كما هو الحال مع أي مسعى قائم على المشروع، ستكون هناك عقبات يجب التغلب عليها. خلال مشروع علمي، ستكون هناك العديد من العوائق ويجب تحليلها للحصول على أفضل مسار حل ممكن.
ما أكبر التحديات التي واجهتها عند إجراء البحث؟
1. في البداية عندما بدأت في القراءة عن مجال دراستي، كانت انطباعاتي الأولى أنه من الصعب حقًا قراءة ورقة علمية، خاصة لأنه في المدرسة كانت جميع فصول العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات باللغة العربية.
2. الفكرة الثانية التي تتبادر إلى الذهن هي أن هذا مجال ضخم! ولذا كنت أخشى أن دراستي لن تكون أصلية كما أحتاجها.
3. كنت أعمل مع مرشدتي أحيانا لمدة ساعات أو أيام وفي بعض الأحيان جميع النتائج لم تكن جيدة.
ملاحظة
هذه كلها نقاط قابلة للتطبيق، وتلك التي سيواجهها معظم الطلاب عند بدء المشروع والعمل عليه. أصعب شيء يجب فهمه هو أنه في البحث والابتكار، لا نعرف دائمًا ما سيكون الجواب، أي ماذا ستكون النتائج. يتعلق الأمر كله باختبار فرضية أو اختبار حل، مرارًا وتكرارًا. إنه أمر يختلف كثيرًا عن قراءة كتاب دراسي وإجراء اختبار يحتوي على أسئلة ذات إجابات محددة. لذا فإن تركيز مساعي البحث هذه على العمل الجاد والرؤية تأخذنا نحو الاكتشاف.
كيف تغلبت على التحديات الثلاثة المذكورة أعلاه؟
1. بالنسبة للتحدي الأول كنت أقوم بترجمة المصطلحات أو العبارات العلمية التي كانت موجودة على ورقة أقرأها إلى العربية. وإذا كان موضوعًا جديدًا علي، فسأشاهد مقطعًا مصورًا عنه، وإذا لم أفهمه نهائيًا سأطلب من أساتذتي شرحه.
2. في الأسبوع الأول قمت بعمل خريطة ذهنية لكل نوع من المكثفات الفائقة. لقد استخدمت هذه الخريطة في كلا العامين من العمل في مشروعي، وكانت مفيدة حقًا.
3. قد تستغرق محاولة فهم الخطأ الذي حدث بعض الوقت، ولكن من المهم التحلي بالصبر، كما أن تجربة طرق مختلفة في التجربة تساعد. بالنسبة لي عندما أعطت عينة نتيجة سيئة، فإنني أقوم برسم الطبقات الدقيقة لهذا المكثف الفائق في دفتر سجلي لرؤية التغيير بمرور الوقت. لذلك إذا حدث خطأ في الاختبار، فسأظل أعتبره أمرًا مفيدا.
ملاحظة
لرحلة بأكملها هي عملية تعلم نأمل أن يتم استخدامها في المساعي المستقبلية في تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) وحتى في وظائفها.
ما المهارات المهمة التي تعلمتها خلال الرحلة بأكملها، سواء العملية العلمية أو التنمية الشخصية؟
1. العملية العلمية: خلال السنة الأولى، كان الأمر يتعلق ببناء الفكرة مع مرشدي ومحاولة فهم جميع جوانبها بعمق من خلال تعلم الرياضيات والفيزياء والكيمياء. تعلمت في تلك السنة كيفية إكمال ورقة علمية وكيفية أن أصبح باحثًة. أما السنة الثانية ففيها شعرت حقًا بأن مشروعي وصل إلى الـ100٪ النسبة التي كنت أهدف إليها. في تلك السنة تعلمت كيف أفكر في طريقة لنقل مشروعي إلى المستوى التالي بمساعدة مرشدي.
2. التنمية الشخصية: تعلمت كيف أكون مستقلة، وأدير وقتي، وأتفاعل مع أشخاص مختلفين. كان من الرائع أيضًا معرفة عدد الأشخاص الذين يشاركونك هذا الشغف في البحث والعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بشكل عام.
ملاحظة
يوفر حدث إبداع فرصة عظيمة للطلاب لمشاركة عملهم مع الآخرين، ومقابلة الطلاب من جميع أنحاء البلاد وتجربة عالم البحث المذهل.
ما أفضل ذكرياتك عن عملية البحث بأكملها؟ هل كان لهذا أي تأثير على خطواتك التعليمية التالية (التخصصات، التدريب، الأندية، إلخ)؟
“هناك الكثير من الذكريات الرائعة. إحداها كانت في ISEF 2019 يوم الجوائز الكبرى وينتظر أن يقال أي من أسمائنا حتى لو لم نسمع لأننا نبدأ بالصراخ والتهليل بمجرد أن نسمع اسما "من أي مدينة في المملكة العربية السعودية ". وكان أفضل ما في الأمر أنه حتى لو فاز أحدنا، كنا جميعًا سعداء، فعندما جاء جميع مرشدينا من موهبة لتهنئتنا، كنا مسرورين للغاية.
بالطبع كان لهذه الذكريات تأثير كبير على حياتي لأنها أعطتني لمحة حقيقية عن عالم البحث، لقد فتحت الأبواب لي عندما دخلت في برنامج أجيال للفضاء بعد ذلك، وهو أمر مدهش .كما حصلت على منحة دراسية لبرنامج Oxmedica في لندن وأيضًا زمالة مع Co-create 2020 في مختبر HCI".
بعد الانتهاء من برنامج أبحاث ما قبل الجامعة، هل لبت التجربة توقعاتك المدرجة في السؤال الأول؟ تجاوزتها؟ كيف ذلك؟
“لقد تجاوزت توقعاتي بالتأكيد على المستويات كافة، لقد كانت تجربة مغيرة للحياة لن أنساها أبدًا. في المختبر، التجارب لم تسر بسلاسة كما اعتقدت، كانت هناك العديد من الأيام الصعبة لكنني فهمت حقًا أن العمل الشاق يؤتي ثماره في النهاية. الدرس الأخلاقي الذي تعلمته هو أنه بغض النظر عن مقدار معرفتي بموضوع ما، فهو صغير حقًا مقارنة بحجم المعلومات التي لا أعرفها".
ملحوظة
هذا بيان قوي بخصوص تجربة البحث العلمي ما قبل الكلية وكيف يؤثر على الطلاب الموهوبين الشباب في بلد ما. الدروس المستفادة ليست مفيدة فقط خلال العملية، ولكن أيضًا للفترة المقبلة في الدراسات الجامعية وما بعدها.
ماذا تقولين للشباب والشابات السعوديين الذين يفكرون في المشاركة في مسابقات البحث العلمي؟ ما الأثر الذي يمكن أن يحدثه على حياتهم وحياتهم المهنية؟
"كطلاب وطالبات سعوديين في مقتبل العمر، لدينا فرص ذهبية لإحداث فرق في مجتمعاتنا من خلال محاولة اختراع طرق فعالة جديدة للحصول على حياة أفضل. إن الحظوة بمنافسات مثل منافسات "إبداع" تمنح جيلنا صوتًا لإصلاح ما نعرفه من أخطاء حولنا. فدخول برامج ومسابقات موهبة تفتح لعينيك الآفاق، لذلك لا تفوتوا هذه الفرصة ".
الدروس المستفادة
كانت هذه المقابلة ثرية للغاية وتوفر لمحة عن تجربة الطالب الموهوب الذي يقوم بإجراء بحث رفيع المستوى أو مشروع هندسي. كما أسلفنا، تعلمت ود الكثير خلال هذا الرحلة. ويمكن تلخيص الدروس الرئيسية التي قدمتها للطلاب الآخرين على النحو التالي:
1. حاول القيام بأنشطة، مثل مشروع بحثي خارج المناهج الدراسية. سيوفر ذلك جوًا عمليًا استثنائيًا ويسمح بالانخراط في مجال من اهتماماتك.
2. اتبع العمليات وخرائط الطريق المقدمة لك، لأن ذلك سيساعد في المهارات الشخصية والعلمية الهامة التي يمكنك استخدامها لبقية حياتك.
3. اطرح الأسئلة.
4. لا تستسلم أبدًا. ستصادفك العديد من الحواجز والتحديات في البحث والهندسة (أو أي مشروع)، فمن المهم جداً مواجهتها مباشرة وإيجاد أفضل الحلول الممكنة. إن ود طالبة لا يمكن أن توقفها العقبات التي أمامها لأنها ستجد دائمًا طريقة لتجاوز هذه المشاكل من أجل الوصول إلى الأهداف المحددة في البداية. هذه خصلة يمكن تعلمها واتباعها، والتي ستوفر نتائج ناجحة في الرحلات التي يختارها كل فرد في الحياة.