الأستاذ العزيز..
ما زلت أدرس في الثانوية وأفكر في العمل مستقبلاً في مجال العلوم أو الهندسة، وأدرك أن علي التحضير كثيرًا لكل من دراستي الجامعية والمسار المهني الذي اخترته، وأن علي ترتيب جهودي بناء على الأولوية، فهل يمكنك أن تخبرني من أين يمكن أن أبدأ؟ وهل من شيء معيّن يجب أن يكون على رأس أولوياتي؟
أحد طلابك من نظام STEM التعليمي
عزيزي الطالب الملتحق في نظام STEM
بدأتُ مسيرتي المهنية العلمية في عام 1964، وعلى مر السنوات طُرحت علي مرارًا أسئلة كثيرة ذات علاقة بسؤالك، وإلى وقت قريب كنت عادة أقترح اتباع التالي:
- كثّف دراسة الرياضيات بقدر ما يسمح وقتك، وستتعلم مهارة حل المشكلات.
- ادرس الخطابة والمناظرة والفن المسرحي، وستعلمك مهارة التواصل مع أقرانك والجمهور.
- تعلم العزف على آلة موسيقية أو شيء من مجالات الفنون المختلفة، وبذلك سيتعلم عقلك كيف يتأمل ويصوغ الأفكار ويُفكر في الاحتمالات.
- تعلم استخدام أكبر قدر ممكن من الأدوات، مثل المطارق، ومفاتيح البراغي، والمناشير الكهربائية، والحواسيب، والمنظار، والدوائر المتكاملة، وعيدان الأكل، ومكائن الخياطة، وآلة لحام الحديد، والفأس، وعود الأسنان والمجهر الإلكتروني؛ تعلم أن تبرع في استخدام أي أداة بحوزتك، وتعلم استخدام أداة جديدة كل يوم.
- تعلم الخلود إلى النوم باكرًا، والاستيقاظ باكرًا.
- مارس التمارين وتناول وجبات الإفطار الصحية.
غالبية معارفي من العلماء والمهندسين متمكنون من معظم النقاط المذكورة في قائمتي، ويرونها بالغة الأهمية، خاصة للطلاب، ومع ذلك لاحت لي -مؤخرًا- الحاجة إلى إضافة شيء جديد إلى قائمتي: داء العجلة، وهو نمط سلوكي تسلل إلى حياة معظم الطلاب، إنه داء يجب تجنبه، داء قادر على إحباط أي عالم أو مهندس صاعد.
تتضمن تعاريف داء العجلة الشائعة الأوصاف التالية:
o العجلة والقلق المتواصلان.
o إحساس عارم بضرورة الاستعجال.
o شعور مزمن بأن الوقت ضيق.
o القلق من أن يصبح أقرانه أكثر نجاحًا منه أو أن يسبقوه.
o الميل إلى السرعة في إنجاز الأمور وأن يكون هو أول من ينجزها.
o الارتباك عند التعرض لأي عائق أو تأخير.
o نفاد الصبر.
o الميل إلى "الاستسلام" بعد محاولة أو اثنتين فقط.
o تعبئة الجدول اليومي بالكثير والكثير من المهام لإنجازها.
o انعدام أوقات الفراغ.
تسهم تكنولوجيا العالم المستمرة في التوسع في احتمال إصابتك بداء العجلة أثناء حياتك الدراسية أو المهنية، لأنها توفر لنا الإجابات والوصول للبيانات بسهولة وسرعة، أضف إلى ذلك تعرفنا على ثقافة الوجبات السريعة، وخدمة التوصيل الليلية، وفصول الإلحاق المتقدم بالجامعة2، وأداء أكثر من مهمة في وقت واحد.
يعتبر داء العجلة خصماً مخيفاً لأي طالب يرغب في مزاولة مهنة علمية، وعلى الأرجح أنك تعرف مسبقًا أن عمل العلماء والمخترعين لا يقتصر على البحث عن الحلول، فهم باحثون أيضًا، أي أنهم يجرون البحوث، ولعلهم يجرون مئات أو ألوف الاختبارات المتكررة للتوصل لنتيجة، وقد تستمر تجاربهم وأبحاثهم لسنوات، لأن الأجوبة أحيانًا لا تظهر بسرعة، وأحيانًا يلزم التفرغ التام للوصول لهدف معين، وقد لا يحتمل كل هذه السيناريوهات طالبٌ مصاب بداء العجلة، فلا يوجد إجابات سريعة وسهلة في حقلي العلم والهندسة.
إذا أحسست بأنك في بداية الإصابة بداء العجلة، فإليك مجموعة من الاستراتيجيات التي يقترح عليك هذا الأستاذ العجوز أن تفكر جديًا في تطبيقها:
- أعد قائمة مهام يومية، ورتب ما يجب إنجازه كل يوم بحسب الأولوية، وستعرف مع الوقت ما هو الطول المناسب للقائمة، وتأكد من أن يتبقى لك الكثير من وقت الفراغ بعد أن تنجز آخر مهمة في قائمتك اليومية، وبذلك ستنام نومًا هانئًا، وفي الغد.. يمكنك أن تنجز قائمة مهام الغد.
- انهض من سريرك باكرًا، ووفر وقتًا كافيًا للاستعداد لليوم وتناول وجبة إفطار صحية، فمن الأفضل أن تستيقظ باكرًا للدراسة من أجل الاختبار مباشرة في اليوم الذي قبله، على أن تسهر للدراسة طوال الليلة السابقة له، ويجب ألا تكون في عجلة لتصل إلى المدرسة أو العمل.
- احضر مبكرًا لكل حصة أو موعد.
- اترك عدة فترات قصيرة من الوقت خالية من العمل في قائمة مهامك اليومية لتتوقف وتقيّم أداءك خلال اليوم.
- بالإضافة لقائمة مهامك اليومية أعد سجلاً لأهدافك للسنة والسنتين والعشر والأربعين القادمة، هذا سيساعدك على تقبل فكرة أنك لست مضطرًا لإنجاز كل شيء اليوم.
يشترك العلماء والمهندسون والمخترعون والتقنيون وعلماء الرياضيات في طبيعة بشرية واحدة: أنهم جميعًا عرضة للوقوع ضحية لداء العجلة، خاصة أولئك الذين في بداية مشوارهم المهني، لذلك تمهل، واسترح من وقت لآخر، وأنجز فروضك في مادة الرياضيات.. مع العلم أنك لست مضطرًا لإيجاد الحل الصحيح لكل مسألة رياضية، طوال الوقت.