إشراك الأطفال الموهوبين في المسابقات
تلاميذ الحلقة الثانية من التعليم الأساسي (الصفوف الرابع؛ الخامس؛ السادس) في فترة عُمرية حسّاسة نوعاً ما سواء من الناحية الانفعالية أو الاجتماعية أو الجسمية (العضوية)، فهُم ما بين الاعتماد الكامل على الأسرة وبين الاعتماد الحذِر على الذات والتأثر بدور القدوة والمُتمثِّل بالمعلِّم/ة.
ومن خلال استقراء الأدب التربوي الخاص بالأطفال الموهوبين في هذه المرحلة، خاصة فيما يتعلَّق بالانخراط في المسابقات والمنافسات الخارجية بعيداً عن محيط المدرسة وأجوائها النفسية الآمنة من منظورهم، تلمس الأسرة ممثلةً بالوالدين، والمدرسة ممثلةً بأقرب المعلمين لهم، بعض السّمات غير الصحيّة كالتردد والقلق والتوتُّر والخوف والارتباك وإيثار الغير للمشاركة بدلاً عنهم، كلُّ ذلك ليس لضعفِ قدراتهم أو انعدام أهليّتهم أو توقُّع الفشل، بل لأنّهم يحتاجون إلى تهيئة نفسياتهم، وتنظيم أفكارهم، وتبصير نظراتهم، وضبط توقّعاتهم، وإشراك أهليهم معهم في اتخاذ القرار بالمشاركة أو عدمها لما هُم مقبلون عليه من تحديات وظروف محفِّزة للقدرات، كذلك هم يحتاجون إلى ضمانات لتعويض ما قد يفوتهم من دروس واختبارات قُدِّمت لزملائهم فترة غيابهم عن الصف.. وأخيراً ترتيب تلك المسابقات والمنافسات وإدارتها؛ بحيثُ لا يزيد عددها بشكلٍ فاحش يُبعد الموهوبين عن ميدانهم التربوي الأصيل ويؤثِّر على درجاتهم التحصيلية.
لا شكّ بأنَّ المسابقات والمنافسات جزءٌ أصيل من خِدمات الرعاية المقدمة للأطفال الموهوبين في مدارسهم، وينبغي توفيرها بشكلٍ مدروس ومقصود، يُراعى فيه إشراك أكبر عدد مُمكن منهم، من دون التركيز على أطفال دون آخرين أو طبقة تُهمَّش من أجل أخرى؛ وتنويعها بحيث تشمل مجالات موهبة كثيرة تضمن العَدالة في الكشف والتعرُّف عليهم، ومن ثمَّ إشراكهم وهم صِغار؛ بُغية استثمار ما لديهم وهم كِبار.
الكاتب: الدكتور عدنان محمد القاضي