الأحلام الكبيرة إذا تحققت تعتبر مغرية! دائماً ما يحلم أصحابها بأحلامٍ أكبر!
وهكذا كانت هيَ:
إنجازاتها في مجال الاختراع بعد رحلة طويلة من الكفاح جعلتها ترسم أحلاماً أخرى أكثر صعوبة! فهي تحلم بأن تحصل على وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى، وجائزة نوبل في الكيمياء، وكذلك بأن تحصل على براءة اختراع أخرى من مكتب براءة الاختراع الأمريكي، وأن تمتلك شركة ومصنعاً خاصاً لتصنيع وتسويق اختراعاتها ليستفيد منها المجتمع، وأن يتم احتضان شركتها في حاضنة الرياض للتقنية.
هيَ فوزيه بنت صالح بن عبدا لرحمن الميمان، حاصلة على درجة الماجستير في الكيمياء الفيزيائية تخصص بلمرة محفزة، وتعمل كباحث علمي في معهد الملك عبد الله لتقنية النانو في جامعه الملك سعود. حاصلة على براءة اختراع من مكتب براءة الاختراع الأمريكي لاختراعها جهاز رصد الدخان، وحاصلة على براءة اخترا ع محلية من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لاختراعها كاشف المضافات الغذائية، كما تم تكريمها من قبل برنامج الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمي للمنح البحثية المتميزة على المجهود المتميز في مجال البحث والنشر العالمي.
فضلاً على تكريمها في اليوم العالمي للملكية الفكرية 2-6-1433هـ كأحد المبتكرين الملهمين لعام 2012 بمدينه الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وأيضاً على حصلت على تكريم من قبل صاحب السمو أمير منطقة الرياض الامير سطام بن عبدالعزيز ضمن فعالية تكريم الباحثين المتميزين والحاصلين على براءة اختراع في جامعه الملك سعود.
البداية: شغف!
باعتبارها الابنة الصغرى في المنزل لأخوة يتمتعون بدرجة علمية عالية في تخصصات مختلفة، أعطاها ذلك فرصة أكبر للاطلاع على مجالات متنوعة الأمر الذي انعكس على اهتماماتها، فأحبت كل ما هو جديد وخصوصاً في مجال البحث والصناعة والأجهزة واستخدام الحاسب الآلي وحب التعلم الذاتي – والرسم في أوقات ليست بكثيرة، وكانت دائماً شغوفة بالقراءة حول براءات الاختراع!
في مرحلة الماجستير وجدت نفسها تحلم بالاختراع، وتصبح مخترعة كما حلمت تماماً!
لتكون مخترعاً: تعلم الصبر!
تقول فوزية الميمان: "الأحلام الكبيرة هي مدرسة للصبر، والاختراع هو أحد أكبر وأنبل الأحلام،" وتؤكد بأن الشخص ليكون مخترعاً يحتاج أن يكون صابراً بالدرجة الاولى، فالفكرة لا تتحول من ومضة إلهام إلى منتج بسهولة، بل تحتاج إلى دراسة وتجربة، وإعادة دراسة، وتجربة، كما أن الحصول على براءة اختراع لا يحدث بين يوم وليله فهو يحتاج إلى وقت وجهد من المتابعة والمراجعة، فضلاً على أن تسويق المنتج يحتاج إلى عزيمة وصبرٍ أعظم.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المخترع يحتاج إلى أن يكون صامداً واثقاً من نفسه، صابراً في وجه العوائق المحتملة، والقناعات السلبية، متحملاً لكل التجاهل الذي قد يواجهه، بسبب عدم استيعاب المجتمع للمخترع بالقدر الكافي، وقلة الوعي المجتمعي بمعنى وثقافة الملكية الفكرية والحقوق المادية والفكرية.
ابتكارات فوزية الميمان:
ابتكار نظام رصد الدخان:
تقول فوزية: بأنها كانت متأثرة كثيرة بالقراءة عن الأضرار والأمراض الخطيرة الناتجة عن التدخين، وعندما لاحظت أن كثيرين ممن حولها قد وقع أسيراً لهذه العادة، شعرت بالحاجة إلى إيجاد حل يساهم في الحد من ظاهرة التدخين، حتى اخترعت جهاز رصد الدخان. وهو جهاز يساعد المدخنين على الإقلاع عن التدخين ويقيهم من آثاره السلبية، حيث يحتوي الجهاز على معالج وذاكرة تتضمن برنامج كمبيوتر، يتم عن طريقه استقبال إشارة تدل على الدخان المنبعث وباستقبال هذه الإشارة يقوم الجهاز بقذف واحد أو أكثر من أنواع الذرات والأيونات السالبة بالقرب من المدخن أو مكان انبعاث الدخان، لتجديد الهواء مما يؤدى إلى إنذار المستخدم.
ويساهم هذا الاختراع في تقليل كمية تلوث الهواء، وبالتالي التحسين من جودته، كما أنه يتعامل مع جميع مصادر الدخان ويكشف عنها، بالإضافة إلى سهولة استخدامه وحمله, فضلاً على أنه يساعد المدخن ليتحدى عادة التدخين، ويقلل من اعتماده عليها حيث يشتمل على نظام يصدر تنبيه عبارة عن صوت واهتزازات لعد السجائر خلال وقت معين.
ويجري العمل حالياً على تطوير هذا الاختراع تجارياً تمهيداً لتسويقه للمؤسسات ذات العلاقة محلياً ودولياً.
ابتكار مجهر الغذاء أو كاشف المضافات الغذائية:
تقول فوزية بأن فكرة هذا الاختراع كانت وليدة لأحد التجارب التي قامت بها للكشف عن المضافات الغذائية في بعض المواد الغذائية، في أحد برامج موهبة الإثرائية التابع لموهبة والمقام في جامعة الملك سعود، حيث اكتشفت أن بعض المنتجات الغذائية تحتوي على مواد حافظة بالرغم من أنه كتب عليها عبارة "خالي من المواد الحافظة 100%" ، وعند زيارة فريق البرنامج لهيئة المواصفات والمقاييس وجدوا أن الأجهزة التي تقوم بتحليل الأغذية ذات حجم كبير، وتتطلب فنيين مختصين لتشغيلها، ومن هنا شعرت بالحاجة الماسة لأجهزة صغيرة تحلل الأغذية، وتكون في متناول جميع أفراد المجتمع، وذلك للوقاية من الأمراض الناتجة عن هذه المواد، والكشف عن الغش التجاري دون الحاجة للرجوع إلى الفني المختص.
ولهذا كانت فوزية الميمان حريصة على تصميم الجهاز بطريقة يكون من الممكن أن يستخدمه الجميع، بدءاً من المختصين في المختبرات، مروراً بأفراد الأسرة، وانتهاءاً بالمكفوفين، المكفوفين حيث أنه لديه إمكانية قراءة البيانات، وإصدار تنبيه وفقاً للجداول المسموح بها دولياً إذا كانت المادة المضافة أعلى من المسموح بها دولياً فهذا يعني أنها غير آمنة صحياً.
وتدور فكرة الابتكار حول جهاز صغير الحجم قابل للحمل، صمم لمراقبة الغذاء، وتقديم صورة واضحة عن ما يوجد به من مضافات غذائية، كالمواد الحافظة، والمنكهات، والسكريات، والملونات، والمستحلبات، والمكثفات، والمواد المسرطنة وغيرها, كما يحتوي على شرائح بحيث يكون من الممكن تصنيع الشرائح من المادة التي تقوم بفصل المضافات الغذائية إن أمكن الأمر, وباستخدام تقنية قريبة من تقنية جهاز تحليل السكر، من الممكن أن يتم فحص الغذاء من المضافات بأخذ عينة منه ووضعها على الشرائح المعنية.
رؤية وطموح!
"إنني أتطلع لرؤية عصر زاخر بالمخترعين والصناعيين المسلمين والتقنية المسلمة المتقدمة وإلى شباب مسلم يعمل لدنياه كما يعمل لآخرته دون إفراط أو تفريط."
خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز
تقول أ. فوزية الميمان أنها تسعى كثيراً لتحقيق هذه الرؤية كنوع من رد الثناء لجهوده حفظه الله في دعم المخترعين، وتؤكد بأنها تعتزم وبإصرار أن تطور المزيد من الابتكارات، وأن تحولها من مجرد أفكار على ورق إلى منتجات حقيقية تؤثر في اقتصاد الوطن، كما تحلم بأن تشارك بها في معارض محلية وعالمية بصورة تشرف الوطن، وكلها إيمان بأن الإصرار الجاد والتوكل على الله كفيل بتحقيق الصعاب.