سيارة الريموت:
ككل الأطفال كانت تعشق اللعب والمرح كثيراً، وخاصة ألعاب الفيديو، كانت دائماً تحرز أعلى الدرجات في كل لعبة تلعبها، أما الهدايا التي كانت تطلبها، فهي سيارة بريموت، حتى أصبحت مع الوقت تملك تشكيلة كبيرة من السيارات- كانت تحب كثيراً الإحساس بأنها تتحكم بسير اللعبة!
كبرت.. وكبر حبها لفهم الأشياء، والتحكم بها، والفوز أيضاً..!
إنها سارة الناصر، طالبة في الصف الثالث الثانوي، رسمت في ثلاثةٍ أعوامٍ من حياتها مسيرة عمر.. وجدت فيها إجابات لأسئلتها الحائرة، تعرفت على ذاتها، واكتشفت الطريق إلى أحلامها..!
لم أحقق أحلامي بعد.. أنا فقط عرفت ماهي، ووجدت الطريق إليها..!
تقول سارة لم أحقق أحلامي بعد.. أنا فقط عرفت ماهي، ووجدت الطريق إليها..!
العالمة سارة:
منذ طفولتها كانت تجذبها الموسوعات، والبرامج الوثائقية، تستمتع كثيراً بالقراءة عن عالم الحيوانات و الفضاء و الجغرافيا و التاريخ.. وعندما كانت معلمتها تسألها عن مستقبلها كانت تقول: "أنا العالمة سارة"..
والدتها من جهة؛ عززت هذا الميول كثيراً، كانت تنتقي لها الكتب والموسوعات بعناية، وكانت تشجعها على قراءة الصحف بشكل يومي.. أحبت سارة قراءة الكتب، ولكنها كانت تقرأ الصحف مجاملةً لوالدتها فقط... مع الأيام أصبحت تعرف كيف تقرأ، وماذا تقرأ، وأصبحت تجعل من بعض مواضيع الصحف -خاصة العلمية منها- فرصة لمناقشتها وتحليلها مع والدتها..
قصة الاختراع الأول!
في الصف الرابع الابتدائي، وتحديداً بعد أن درست سارة الخلية الكهربائية، حاولت أن تخترع جهازاً أطلقت عليه "الحصالة المضيئة".. طبقت ما فهمته من الدرس، وخبرتها البسيطة في الفك والتركيب التي كانت تمارسها مع العابها بشكل مستمر.. ونفذت الفكرة فعلاً..! المعلمة لم تصدقها في البداية بأنها من قام بالاختراع.. وعدتها بأن تعرضه في معرض المدرسة ولكنها لم تستطع..!
سارة أصابها الإحباط قليلاً.. ولكنها اكتشفت على الأقل بأنها تحب العلوم، وتحب الأفكار الجديدة!
البحث عن الذات:
في المرحلة المتوسطة، أجرت سارة اختبار ذكاء، وأحرزت درجة عالية جداً، ولكن معلمتها لم تصدقها لأنها كانت كثيرة الحركة والأسئلة.. وكذلك صديقاتها في المدرسة، كانت تشعر باختلاف وأيضاً بشيء من الضياع، اهتماماتها كانت مختلفة عن قريناتها تماماً، ثمةَ شيء كانت تعتقد دائماً أنها يجب أن تقوم به ولا تعلم ما هو.. أسئلة كثيرة كانت تدور بعقلها ولا تجد لها إجابات.. مثل: ماذا أحب؟ ماذا أريد أن أفعل؟ أين أذهب؟ كيف أبدأ؟
كان حلمها أن تشارك في معرض علمي مثل تلك التي كانت تشاهدها في الأفلام وتقرأ عنها في الصحف..!
كلما استطاعت تحديده من رغباتها هو؛ أنها ترغب بشدة أن تشارك في معرض علمي مثل تلك التي كانت تشاهدها في الأفلام وتقرأ عنها في الصحف..! ولكنه كان حلم.. فقط..!
القطرة الأولى من المطر!
في السنة الأخيرة من المرحلة المتوسطة، عرفتها إحدى معلماتها ببرامج موهبة الصيفية، والتحقت بها، وكانت تلك الفرصة كالقطرة الأولى من المطر.. حيث توالت بعدها الإنجازات.. تقول سارة: "التحاقي بالبرنامج غير نظرتي لنفسي، ولطموحي ولكثير من الأمور.. أصبحت خطاي أكثر ثباتاً.. أستطيع أن أقول وبكل ثقة.. ماذا أريد أن أكون؟ وكيف سأحقق ذلك؟"
بعد هذا البرنامج، التحقت سارة بثلاث برامج صيفية أخرى لموهبة، كما أصبحت إحدى طالبات الدفعة الأولى لمبادرة الشراكة مع المدارس.. هذه الفرص التعليمية، فتحت لسارة أفاقاً واسعة، وأثرت الكثير من مداركها المعرفية، وطورت مهارات التفكير لديها فتوالت إنجازاتها، حيث تأهلت للمشاركة في معرض العلوم والهندسة عام 2010، وبالرغم أنها لم تفز بأي مركز إلا أن تأهلها كان دافعاً لها للمشاركة في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي "إبداع" 2011، حيث فازت بالمركز الثاني على مستوى المملكة في مسار البحث العلمي. وشاركت أيضاً بنفس البحث في "انتل العالم العربي" محققة المركز الأول في مجال الطب والعلوم الصحية وعلم الحيوان والأحياء الجزيئية والخلوية، والجائزة الثانية كأفضل مشروع مشارك في المنافسة على مستوى الدول العربية، كما تأهلت به أيضاً للمشاركة في انتل ايسف العالم 2011.
بالإضافة إلى ذلك، شاركت سارة في أولمبياد الفيزياء وتأهلت للمرحلة الأولى ضمن 20 مرشحة فقط على مستوى المملكة وذلك لعامين على التوالي (2010-2011). ومؤخراً، شاركت سارة مرة أخرى في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي "إبداع" 2012 محققةً المركز الخامس على مستوى المملكة في مسار البحث العلمي.
الاستشارات الجماعية!
سارة ممتنة كثيرة لأسرتها حيث تعرضت بحسب قولها لعدة مواقف كان من الممكن فيها أن تتوقف فيها عن الإنتاج، وأن تتحطم، ولكن أسرتها كانت باستمرار تعقد جلسات استشارات اجتماعية لها ولأخواتها، تتم خلالها مناقشة السلبيات والإيجابيات لكل فرصة أو فكرة، ويقدمون خلالها الدعم والمشورة!
تقول سارة: "هذه الاجتماعات قد ملأتني بالثقة والإصرار، والثقة والإصرار هي أساس كل نجاح!"
مشاريع سارة الناصر:
بحث (المكونات البيئية وردات الفعل البشرية):
يدرس هذا البحث تأثير الأصوات العالية المفاجئة على نفسية الشخص وملاحظة الفروق بين ردات الفعل والاعتياد على الأصوات بين الفئات العمرية، ووصلت سارة من خلال البحث والتجارب إلى أن الأطفال أكثر فزعاً من الأصوات العالية لأول مره لكنهم الأكثر اعتياداً عليها مقارنة بالبالغين، وكانت قد شاركت سارة بهذا البحث في مسابقة موهبة للعلوم والهندسة 2010.
بحث (دراسة التأثير الفسيولوجي والهستولوجي للمبيد الحشري الكلوربيريفوس على الخصوبة ):
يدرس هذا البحث تأثير المبيد كلوربيريفوس الشائع استخدامه على المحاصيل الزراعية والمتبقى على العديد من المنتجات مثل التمور بنسب عالية تتجاوز 6 أضعاف النسبة المسموح بها لهذا المبيد على العقم, وتم تجريبه على ذكور وإناث الجرذان بحقنهم يومياً بجرعات مختلفة 5 ,10 ,15 ملج /كلج وملاحظة التأثير على الهرمونات الجنسية والأعضاء التناسلية وعلى الشكل الخارجي. .
وحققت سارة بهذا البحث -الذي عملت عليه بالمشاركة مع زميلتها نورة الربيق- المركز الثاني على مستوى المملكة في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي 2011، كما تأهلت به للمشاركة في "ايسف العالم العربي" ونالت به المركز الاول في مجال الطب والعلوم الصحية وعلم الحيوان والأحياء الجزيئية والخلوية، والجائزة الثانية كأفضل مشروع مشارك في المنافسة على مستوى الدول العربية، كما تأهلت به أيضاً للمشاركة في انتل ايسف العالم 2011.
بحث (دراسة امكانية تطبيق تأثير لايدن فروست على النقل البحري):
حققت سارة بهذا البحث المركز الخامس على مستوى المملكة في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي 2012، وهو عبارة عن تطبيق لطريقة جديدة ترفع من كفاءة السفينة عن طريق رفع درجة حرارة بدن السفينة ليتكون تأثير لايدن فروست، وبالتالي يقل الاحتكاك مع الماء فتزيد سرعة السفينة ويقل استهلاك الوقود وبالتالي يقل غاز ثاني اكسيد الكربون الناتج من احتراق هذا الوقود.
صنًّاع المستقبل!
سارة الناصر -طالبة الثانوية- التي أدركت موهبتها وعرفت ميولها في سنتها الأخيرة من المرحلة المتوسطة، استطاعت في ثلاثة أعوام أن تعد ثلاثة أبحاث علمية أصيلة وأن تشارك في العديد من المحافل العلمية المحلية والدولية، الأمر الذي جعلها مؤمنة بأن ثمة قدرات عظيمة لكل شخص وأن عليه أن يكتشفها فقط..! لكل شخص قدرات عظيمة، كل ما عليه هو أن يكتشفها فقط..!
ومن منطلق هذا الإيمان، نظمت سارة مجموعة تطوعية مع صديقاتها "نورة الربيق، ورهف البطحي" باسم "صناع المستقبل" هدفاً لتدريب الناشئة، ونشر مفهوم التطوع، وقاموا من خلال هذا الفريق بعمل محاضرات لتشجيع الطالبات بالمشاركة في الأولمبياد، كما أعدوا مشاريع أخرى صغيرة للأطفال في أحد المساجد مثل: مشروع "صلاتي تنير حياتي".
سارة الناصر.. نموذج مبدع نتعلم منه بأن الشخص إذا عرف ما يحب لا يمكن أن تقف أي عقبة في طريقه..!