في طفولتها كانت جادة جداً، كانت تشعر بالاختلاف، ولكنه ظلَّ إحساساً داخلياً يشاكسها، أحاديث قريناتها لم تكن تجذبها، المناسبات لم تكن تثير فيها الس أحببت الكيمياء من ابن سينا، وبكيت كثيراً أمجاد المسلمين!!عادة، ولم تكن من النوع الذي يتحمس لها، كانت هادئة، بسيطة، كانت باختصار... فتاة تأكل وتشرب، وتنام في المكتبة، كانت تعشق الكتب!
منذ المرحلة المتوسطة، وهي تجمع قصاصات الصحف، يفتنها الأدب والشعر، وتسحرها كتب الطب والأحياء، جمعت المعلومات التي تعجبها في دفاتر لازالت تحتفظ بها
جمعت قصاصات الصحف من المرحلة المتوسطة، وسجلت المعلومات في دفاتر لازالت تحتفظ بها!حتى الآن.. كانت تحلم كثيراً بأن تكون كالخوارزمي، أحبت الكيمياء من ابن سينا، أثارها اكتشاف جاليليو للمجهر، وروبرت كوخ للحمى.. وكانت تبكي كثيراً أمجاد المسلمين!
منى تدين كثيراً للكتب التي قرأتها بعد فضل الله، فمنها تعلمت، ومنها أصبحت تحلم، ومنها تعلمت الإصرار والعزيمة، ومنها أحبت أن تتعلم أكثر.. فنجحت وتفوقت ثم أبدعت وتميزت لتصبح ماهي عليه الآن:
هي الدكتورة المخترعة منى محمد الدوسري، من مواليد محافظة الخرج، حاصلة على درجة دكتوراه الفلسفة في العلوم -تخصص علم الحيوان- وتعمل حالياً كعضو هيئة تدريس بقسم الأحياء بكلية العوم والدراسات الانسانية (أستاذ مشارك) بجامعة سلمان بن عبد العزيز بالخرج.
والأهم؛ هو أنها حاصلة على منحة من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لدعم بحثي الماجستير والدكتوراه، وحاصلة على جائزة المراعي للإبداع العلمي فرع العمل الإبداعي، وبراءة اختراع من إدارة براءات الاختراع – مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.
وأكثر من ذلك؛
تم منحها شهادة نموذج صناعي عن النموذج الصناعي " بيت طيور"، وميدالية ذهبية من جائزة الجمعية السعودية لعلوم الحياة، وشهادة تقدير وميدالية ذهبية لمشاركتها في معرض ابتكار 2010، وجائزة معالي مدير جامعة سلمان بن عبد العزيز كأفضل مؤشر أداء لبراءات الاختراع, 2010.
المنعطف الذهبي:
د. منى وإن كانت تدين كثيراً لقراءاتها القديمة ولأحلامها الأولى بالفضل بعد الله، إلا أنها تعتبر مرحلة الدراسات العليا هي المنعطف الذهبي في حياتها، وهي مرحلة الإنجازات التي تفخر بها، حيث أشبعت فيها هذه المرحلة شغفها بالبحث العلمي والاكتشاف، خاصة في مجال الحشرات -تخصصها الدقيق-.
حيث بدأت د. منى العمل على مشروع رسالة الدكتوراه على سوسة النخيل الحمراء، فثارت لديها العديد من الأسئلة والافتراضات، فشرعت تبحث، وتصمم، وتجرب، حتى وصلت لتصميم جهاز الاستجابة الشمية مستعينة بما توصل إليه العلماء السابقين، وطورته لتحصل على براءة اختراع من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.
ابتكارات الدكتورة منى الدوسري:
جهاز اختبار الاستجابة الشمية للحشرات:
وهو جهاز يختبر قدرة الحشرات على اختبار الروائح التي تتعرض إليها إما بالاستجابة لها كمادة جاذبة أو الابتعاد عنها كمادة طاردة لها.
جهاز اختبار الاستجابة الشمية المطور لسوسة النخيل الحمراء:
وهو مطور عن الفكرة السابقة، وما زال تحت الدراسة والفحص بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.
شهادة نموذج صناعي عن التصميم" بيوت الطيور":
وهو تصميم لنموذج بسيط يستطيع الباحث من خلاله تربية الحشرات خاصة سوسة النخيل الحمراء.
رسالة الشخص تحدد أحلامه؛ وأحلامي لا تنتهي أبداً!
حتى نصل إلى المعرفة التي تؤهلنا للإنجاز فإننا نحتاج إلى البحث!
آمنَت الدكتورة منى بأن الحضارة تُبنى بالعلم والمنجزات، وآمنت أيضاً بأن المنجزات هي نتيجة القراءة والمعرفة، وحتى نصل إلى المعرفة التي تؤهلنا للإنجاز فإننا نحتاج إلى البحث!
وبقدر إيمانها بهذه الرسالة، بنت أحلاماً كثيرة.. فأرادت أن تصبح باحثة، واستطاعت أن تكون.. وحلمت بأن تكون مبتكرة، واستطاعت أن تكون.. ولازالت تحلم بأن يكون لها اسماً يخلده التاريخ، وإرثاً علمياً تستفيد منه الأجيال من بعدها، وأن تنشئ كرسي لدعم البحث العلمي، وأن تحصل على جائزة نوبل، وجائزة الملك فيصل.. وأن تكون شخصاً يشبه أولئك الذين قرأت عنهم في بداياتها وأحبتهم.. ابن سينا.. الخوارزمي.. أرخميدس!
الدكتورة منى.. هيَ نموذج للإنسان الذي تصنعه القراءة والرسالة!