بدأ المبتكر مايكل ديل شركته "ديل" بتساؤل، في حين كان المبتكر راتان تاتا صاحب شركة "تاتا قروب" الشهيرة يوصي دائماً بالتساؤل "حول ما لا يمكن التساؤل عنه".. حتى قال العلماء أن أهم ما يميز المبتكر هو أسئلته..! نستطيع الآن أن نضيف إلى هذه النماذج، شخصية وطنية شابة، بدأت حياتها بتساؤل، بنت حياتها بتساؤل، ولازالت حتى الآن.. تتطور بفضل هذا التساؤل..
هو عبدالله بن غازي الرحيلي ابتدأ كطالب فضولي كثير الأسئلة، سأل معلمه العلوم كثيراً عن الفلك، فاعترف له معلمه في المدرسة بأنه لا يملك إجابة لأسئلته، وكلفه بالبحث عنها، ومن يومها تعلم كيف يقرأ خارج المنهج، فأصبح يتساءل ويبحث، يتساءل ويبمعلمه لم يعرف إجابة سؤاله فعلمه أن يبحث ويقرأ.. وكان هذا أفضل شيء حدث له!حث، ثم أضاف إلى هذه الثنائية السلوكية، ثنائيةً أخرى، فأصبح يتساءل ويبحث، ثم يحلل ويفكر، يتساءل ويبحث ثم يحلل ويفكر.. حتى أصبح على ما هو عليه الآن...
باحث في كلية الطب بجامعة ليدز في بريطانيا، صاحب ثلاث ابتكارات، ومؤلف كتاب الوصايا العشر للمخترعين، حاصل على جائزة الأكاديميين و الباحثين في مجال تقنية المعلومات والاتصالات من معرض ابتكار 2010، وحاصل على الميدالية الذهبية من الايفيا العالمية في ألمانيا، والميدالية الفضية من معرض آينا في ألمانيا أيضاً. حاصل على الميدالية الفضية من معرض جنيف الدولي 39، والميدالية الفضية من معرض الاختراعات البريطاني.
هل النجاح لعبة حظ؟
"كن مستعداً عندما تأتيك الفرصة، الحظ الطيب هو الوقت الذي يلتقي فيه الاستعداد بالفرصة المواتية".
(رو دي شاربين الكبير).
عبدالله نسب الفضل في نجاحه بعد الله إلى والديه، اللذان صرفا نصف دخلهما المادي على أبحاثه، وإلى جامعة الملك سعود التي درس فيها المرحلة الجامعية فأخذت بيدهِ ودعمته في أول ابتكاراته، وإلى "موهبة" التي قدمت له الدعم الأكبر وجعلته يشارك في معارض الابتكارت الدولية، ابتداءاً بمعرض ابتكار 2010، مروراً بمعرضيّ اينا، وجنيف، وانتهاءاً بمعرض الاختراعات البريطاني، فقد تعلم بسببها الثقة، وذاق طعم النجاح، وجرب لذة الإنجاز، حتى أصبح يردد في مناسبات عدة، مقولته: "ما يستطيع فعله شخص، يستطيع فعله شخص آخر."
عبدالله يقول بأن كل هذه المحطات المحفزة في حياته تدل بأنه شخص محظوظ بل محظوظ جداً.. والحقيقة أنه لا يختلف حظاً عن الكثيرين غيره، وإنما الفارق كان في أنه مستعداً جداً لكل فرصة حصل عليها، عقله كان مليئاً بالأسئلة، شغوفاً بالتفكير، همته طموحة، وقلبه تعلق بالنجاح والتميز، أصرَّ على النجاح، وثابر على العمل.
رأس من الأسئلة!
عبد الله كان معجب جداً بحركة دوران الأرض حول الشمس، ويفتنه توالي الفصول بتسخير من الله دون تدخل من البشر، وكان يفكر كثيراً كيف توصل البشر إلى حقيقتها؟ كيف تم تكذيبهم في بداية الأمر؟ هذه التأملات دفعته إلى الإيمان العميق بأن هناك الكثير حتماً يحتاج لأن يكتشفه البشر.. هناك الكثير من الأشياء العظيمة التي سيُتَّهم بعضهم بسبب اكتشافها بالجنون، وهناك اكتشافات ولاشك ستغير أسلوب الحياة، ومعالم الحضارة الحديثة.
وكان يتساءل أيضاً: هل سيكون هو أحد أولئك الذين يغيرون الحضارة إلى واحدة أفضل؟ كبُر عبدالله وكبرت أسئلته وأحلامه معه طيلة السبعة عشر عاماً من عمرهِ العلمي -ابتداءاً من مدرسته في قاعدة الملك فهد الجوية بالحوية، وحتى جامعة ليدز في بريطانيا.-
درس علم الأحياء الدقيقة ثلاث سنوات، ثم ترك الدراسة وتخصص في الطب والجراحة!
هذه الأسئلة.. دفعت عبدالله إلى التخصص في علم الأحياء الدقيقة في جامعة طيبة في المدينة المنورة لمدة ثلاث سنوات، وهي التي دفعته أيضاً إلى أن يترك دراسته ليبدأ مجدداً ويتخصص في مجال الطب والجراحة في جامعة الملك سعود بالرياض، وهي التي دفعته أيضاً للالتحاق بكلية الطب في جامعة ليدز في المملكة المتحدة لإكمال بحثهِ الطبي لعلاج مرض نقص المناعة المكتسبة.
هذه الأسئلة.. هي التي دفعت عبدلله لأن يفكر كيف يمكن إنقاذ المسافرين في حالات الطوارئ؟ كيف يمكن تلافي احتمالية وجود خطر لم يتم اكتشافه في مدرج الطائرة؟ كيف نقضي على الفيروسات الخطيرة؟ وهذه الأسئلة أيضاً.. هي التي ولَّدت ابتكاراته الثلاثة!
ابتكارات عبدالله الرحيلي:
1- ابتكار نظام البحث عن المسافرين في حالات الطوارئ:
تدور فكرة هذا النظام حول تركيب جهاز مصاحب لقناع الأكسجين في الطائرات يلبس في اليد ليتم تحديد موقع المسافر في حالات الحوادث، وذلك هدفاً إلى رفع مستوى السلامة العالمي على الطائرات بتطوير أنظمة وأساليب البحث و الإنقاذ في حالات الطوارئ.
2- الرؤية الالكترونية لمدرجات الطائرات:
تدور فكرة هذا الابتكار حول توصيل أضواء مدرجات الطائرات بالقمر الصناعي لصنع رؤية الكترونية لها مع توصيلها بحساس قادر على كشف الخطر الذي قد يكون في المدرج، ويفيد هذا الابتكار في تحسين طرق الهبوط والاقلاع في المطارات، وتسهيل المهام الفنية للطيار والمطار حتى في أعمال الصيانة، كما أنه قد يكون مفيد جداً في المدرجات سرية غير المضاءة، كما هي الحال في بعض المطارات العسكرية.
3- الإصابة العلاجية لعلاج الفيروسات:
هو عبارة عن علاج جيني باستخدام تقنية الهندسة الوراثية، وذلك باستبدال المادة الوراثية المسئولة عن الإصابة في الفيروسات بجينات لها القدرة على إيقاف التأثير الجيني الضار لهذا الفيروس من خلال منعه من عملية التضاعف.
ويعد هذا الابتكار عبارة عن استحداث علاج جديد لمحاربة بعض الفيروسات وإبطال عملها من خلال تخليق فيروسات أخرى تتمتع بهذه القدرة، وبالتالي تساهم في شفاء المريض بإذن الله، وحالياً تخصص عبدالله الرحيلي في البحث في فيروس نقص المناعة.
إنجازات أخرى لعبدالله الرحيلي:
1- تأليف كتاب الوصايا العشر للمخترعين.
2- تقديم محاضرة ما الهدف من وجودك بالجامعة؟
3- تقديم محاضرة خطوات النجاح.
ولازال عبدالله يتساءل: هل أنا فاشل؟
"لو كنت سعودياً ماذا سوف أفعل لهذا الوطن ؟"رأس عبدالله المليء بالأسئلة والأحلام تأثر كثيراً بما قاله الرئيس الياباني الجديد لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بعد اعتلائه لمسرح الجامعة للمرة الأولى: "لو كنت سعودياً ماذا سوف أفعل لهذا الوطن ؟ "
يقول عبدالله: بعد هذا التساؤل علمت أن المبدع وحده هو من سيجيب على هذا السؤال، وأيقنت أننا لابد أن نكون مبدعين لنستحق هذا الوطن... ولكن السؤال الأهم كيف؟
بعدها؛ سمعت كلمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله التي أكد فيها بأنه قد أوقف التنقيب عن النفط من أجل إيجاد موارد لاقتصاد المعرفة.. حينها عرفت ماذا سوف أفعل بما أني سعودي !!!.
ولكن عبدالله لازال يتساءل ويقول: إذا كانت مقولة أن "الإنسان يجب أن لا يقيس نفسه بما أنجز حتى الآن، ولكن بما يستطيع إنجازه" صحيحة.. فهل أنا أفاشل؟ ماذا بوسعي أن أعمل أيضاً؟ مالذي أستطيع اكتشافه بعد.. كيف؟ ومتى؟ ومن أين أبدأ...
الأسئلة بالنسبة لعبدالله الرحيلي .. هيَ البداية، وهيَ الطريق، وهيَ الحكاية..