إيثار محمد بو عبدالحليم، شابة صغيرة لا تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها.. صاغت من كرهها لجدول الضرب في طفولتها تحدياً كان جسرها إلى التميز على مستوى العالم العربي، وفازت بفضله بمنحتين دراسية في جامعة الشارقة، وأخرى في جامعة الملك عبدالعزيز.

تقول إيثار بأنها كانت مجرد طفلة صغيرة تكره جدول الضرب ككثير من الأطفال، ولكن والداها -وهما معلمان حازا على العديد من الشهادات والأوسمة لنجاحاتهما المتميزة- استطاعا أن يحولا هذا الكره إلى علاقة أخرى جديدة تفوقت على علاقتها ببقية المواد.

حيث استطاعت إيثار في المرحلة المتوسطة أن تضع أول معادلة استنتجتها  عن جدول ضرب (9)، هدفها تبسيط العلميات الحسابية، وشجعتها والدتها على نشرها فوضعتها في أحد المنتديات فنجحت وانتشرت، ولكن للأسف ضاع حقها.

"إيثار كانت ككثير من الأطفال تكره جدول الضرب فاستطاعت ابتكار 12 قاعدة لتبسيط المسائل الحسابية"
لاحظا والدا إيثار إبداعها في المسائل الحسابية فركزا على ذلك كثيراً، فحضرت دورات عن البحث العلمي، والرياضيات، ومهارات التفكير الإبداعي، واستطاعت أن تبتكر 12 قاعدة لتبسيط العمليات الحسابية ضمن مشروعها: (Math Out Of The Box).

مشروع إيثار (Math Out Of The Box) :

يهدف هذا المشروع إلى تبسيط العمليات الحسابية باستخدام مهارات التفكير الابداعي، وهو يشتمل على 12 قاعدة مبتكرة، اجتازت بها المرحلة الأولى في أولمبياد الرياضيات الدولي2010، ولكنها لم تتأهل للمراحل الأخرى.

بعدها عملت إيثار على تطويرها، وشاركت بخمس قاعدات منها في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي "إبداع 2011" مسار البحث العلمي، والذي تنظمه موهبة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وحصلت على المركز الخامس على مستوى المملكة ومنحة لجامعة الملك عبد العزيز مفتوحة التخصص.

كما شاركت بهذه القاعدات الخمس في مسابقة انتل للعلوم- العالم العربي 2011 (ISCArab 2011) والتي تم عقدها مؤخراً في الشارقة، وفازت بالمركز الثالث على مستوى العالم العربي، وحصلت كذلك على منحتين دراسية لجامعة الشارقة بالإمارات، وهو ما تعتبره أهم إنجازاتها.

قصة حصولها على المنحة:

(أنت مبدعة و نسبة ذكائك أعلى في تقديري من الإنسان الطبيعي، ولنا الشرف أن ينضم أمثالك إلى جامعتنا )

هذا ما قاله نائب جامعة الشارقة في زيارته لمشروع إيثار أثناء فترة التحكيم للمشاريع المشاركة في مسابقة (انتل العلوم- العالم العربي)، بعدها عرض عليها قبول استثنائي في جامعة الشارقة.

تقول إيثار: "كنت أعتقد الموضوع مجرد مجاملة لتحفيزي لكني تفاجأت بعدها بأنه أرسل إلي أحد طلابه ودعاني إلى مكتبه لتوقيع أوراق القبول. الجميل في الأمر، أنه -وفي نفس اليوم- تم عرض منحة أخرى لي من نفس الجامعة أيضاً (جامعة الشارقة)، وهي تعتبر أحد أفضل الجامعات العربية."

هذه التجربة لم تقدم لإيثار منحة دراسية فقط، بل جعلت منها قصة نجاح ملهمة، حيث تمت استضافتها في أماكن عدة للحديث عن مشروعها، قصة البداية، وكيف تحول كره الرياضيات إلى قصة حب مبدعة، وكيف صاغت خسارتها في أولمبياد الرياضيات في المرحلة الثانية إلى قصة رابحة في الأولمبياد الوطني "إبداع"، وكيف فازت في مسابقة (انتل العلوم- العالم العربي).فقد قدمت إيثار دورة لطالبات البحث العلمي في جامعة أم القرى بمكة، وتمت استضافتها مؤخراً  في مؤتمر "سعودية وافتخر" في نفس الجامعة، كما أنها شاركت في ( ملتقى أروقة مكة) بالحديث عن مشروعها و إنجازاتها، بالإضافة  إلى أنها ألقت كلمة على معلمات الرياضيات في إدارة التربية و التعليم بمكة -قسم الرياضيات، وغيرها من اللقاءات. وحصلت على شهادة تقدير من قسم الرياضيات بإدارة التربية و التعليم، وشهادة تكريم أخرى من أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل.

إيثار: النجاح ليس سهلاً..!

تقول إيثار في لقائنا معها: أود أن يعلم الجميع بأني لم أصل إلى نجاحي هذا بسرعة، أنا فشلت في أحد المسابقات عام 2010، ولم أجتز إلا المرحلة الاولى من مسابقة الأولمبياد الدولي و المحلي للرياضيات ٢٠١٠، ولكني نجحت أخيراً..

"لم أصل إلى نجاحي هذا بسرعة، أنا فشلت في أحد المسابقات عام 2010، ولكني نجحت أخيراً.."

وكان أبرز وأهم درس تعلمته هو أن النجاح لا يكون من المرة الأولى، وأن النجاح ليس سهلاً، ولا مستحيلاً أيضاً..!

إيثار الآن لازالت طالبة في المرحلة الثانوية، تشارك ببقية القاعدات السبع في الأولمبياد الوطني للإبداع العملي متأهلةً إلى المرحلة الثالثة، يحدوها أمل كبير بأن تجمع قاعداتها المبتكرة قريباً في كتاب وتنشرها ليستفيد منها الجميع، وأن تحصل على منحة دراسية في تخصص هندسة البترول أو الهندسة النووية.