البراء العثمان: تلك العبارة هي السر وراء كتابي واختراعاتي!
"تخيل أنك بعد أربعين سنة، ولديك المال، والزوجة الصالحة، والبيت، والأبناء، ما هو الشيء الذي يجعلك تستيقظ من النوم للذهاب إليه وأنت سعيد؟؟".
كانت هذه عبارة سمعها البراء العثمان في إحدى المحاضرات وظلت ترن في إذنه ليكون ما هو عليه الآن.. شاب في الرابعة والعشرين من عمره، له اختراعين، وكتاب تحت التوزيع بعنوان "زاد الصقار"، درب أكثر من ألف شخص في مجال الاختراع، وقدم العديد من أوراق العمل والمحاضرات.
عدا أن لديه 13 مشروع تأليف كتاب، و40 فكرة جديدة تحت البحث، ويحلم حلماً جاداً بأن يبني مدينة متكاملة لرعاية المخترعين.
طفولة مبدعة رسمت مستقبلاً واعداً!
عشقت الحيوانات وأجريت أول عملية تشريح في التاسعة من عمري!
لم تكن طفولة البراء عادية، حيث ترعرع في أسرة كانت تمتلك مزارعاً للدواجن، وتحت يدِ والدةٍ منحته الثقة منذ طفولته، ووالدٍ غرس في قلبهِ الشجاعة، فقربه لعالم الحيوان، وجعلهُ مرافقاً للأطباء البيطريين، ليعشق علم الحيوان منذ نعومة أظافره، ويقوم بأول عملية تشريح في التاسعة من عمره!
هذه التجربة المبكرة، عززت رغبة البراء ليتعرف أكثر على عالم الحيوان، فاختلط بالخبراء والأطباء في عمر مبكر، وتعرف على أسرار تربية كل نوع من أنواع الحيوانات كالصقور والخيول والثعابين وغيرها، والأهم.. أن والده قد هيأ له مكتبة تضم معظم كتب الحيوان الموجودة في المملكة آنذاك ليشبع ميوله، كما خصص له معملاً بسيطاً ليمارس فيه تجاربه الأولى.
في ذلك العمر لم يقدم البراء أي اختراع، ولكنها كانت بداية رسمت له مستقبله، حيث تخصص أخيراً في مجال الطب البيطري، وأثناء دراسته الجامعية، استطاع أن يقدم اختراعين متميزين حصل بهما على جائزة الأمير محمد بن فهد للتفوق العلمي 2010م، والميدالية البرونزية في معرض ابتكار الدولي للمخترعين 2010، والمركز الخامس في المؤتمر العلمي الثاني لطلاب التعليم العالي 2011، كما شارك في العديد من المسابقات والفعاليات وحصل على عدد من الجوائز وشهادات التكريم.
دورات التنمية البشرية ساعدتني كثيراً:
وبرغم جميع العوامل القوية التي أثرت في نشأة البراء، إلا أنه لا زال في كل مرة يشيد بأهمية دورات تنمية المهارات وتطوير الذات التي ساعدته في تحديد أهدافه، وتخطيط حياته، وشحذ همته، وعلمته الآلية التي استطاع بها أن يتخذ قراراته ويرتب أولوياته، بالإضافة إلى تعلمه اللغة الانجليزية مما وسع آفاقه، وفتح له مجالاً أكبر من المعرفة والفرص.
معرض ابتكار هو "الصدمة" و"الدرس الكبير" في حياتي!
كان البراء قد شارك في معرض ابتكار الدولي الذي نظمته موهبة في جدة عام 2010، وحصل على "الاختراع إن لم يعد عليك بعائد مادي ويُحوَّل إلى منتج فهو ليس باختراع"الميدالية البرونزية آنذاك عن اختراعه "مسمار التوسير"، إلا أن ما خرج بهِ من تجربته هو ما أسماه بــ "الصدمه" أو "الدرس الكبير"، وقال عن تجربته: "قبل المعرض كنت أفرح باختراعاتي الكثيرة، وأعتقد أنها منجزات أستطيع عرضها في المعارض والفوز بها في المسابقات، إلا أن ما تعلمته من معرض ابتكار هو أن "الاختراع إن لم يعد عليك بعائد مادي ويُحوَّل إلى منتج فهو ليس باختراع"، حتى أنني كتبت مقالاً بعد مشاركتي بعنوان "أشعر بأني خلقت من جديد"، وأنا الآن أعترف بأني تنكرت لاختراعاتي جميعها ولم أعد أعترف سوى باثنان منها فقط.. تلك التي استطعت أن أجني منها عائد مادي وأن أحولها إلى منتج حقيقي.. أما البقية فأنا أسميها الأن أفكار، وفي طريقي للعمل عليها لتصبح اختراع حقيقي يمكن إنتاجه وتسويقه."
ابتكارات البراء العثمان:
1- مسمار التوسير لتصليح ريش الطيور:
هذا الابتكار حصل به البراء على الميدالية البرونزية في معرض ابتكار 2010، وتدور فكرة الابتكار حول مسمار لتجبير ريوش الطيور التالفة أو المتكسرة، وذلك بدلاً من المعالجة التقليدية الي تتم من خلال إبرة أو عود دقيق، لما يتميز به مسمار التوسير من خفة ومرونة، بالإضافة إلى سهولة تركيبها وتصنيعها، وثباتها، وانخفاض تكلفتها، كما أنه لا يسبب أي التهابات لريش الطائر خلافاً للأسلوب التقليدي، ومن الممكن استخدامها أكثر من مرة.
2- وكر الصقور المطور:
وكر الصقور -هو المكان الذي يقف عليه الصقر عند المربي طوال فترة حياته- أما وكر الصقور المطور فهو إنجاز آخر للبراء العثمان حيث فاز به بالمركز الخامس في المؤتمر العلمي الثاني لطلاب التعليم العالي في مسار الابتكار، وذلك لما يتميز به ابتكاره خلافاً للوكور التقليدية، بأن له رؤوس متغيرة تعتبر أكثر نظافة، وراحة للطائر، كما أن هناك رأس طبي خاص في حالات الإصابة.
فضلاً على ذلك، فإن المنتج الجديد يتميز بالجمع بين قاعدتين للتثبيت الوكر في الأسطح الصلبه أو الرمليه، ويعتبر هو النموذج الأول الذي يلائم جميع أنواع الجوارح، مما يضمن انتشاره لدى جميع الهواة ومربي الجوارح على مستوى العالم.
خمسة دروس مهمة للمخترعين:
يقول البراء العثمان عن تجربته بأنها لم تكن سهلة، ولم تكن مستحيلة أيضاً وأن أبرز ما تعلمه منها هو أمور أربعة:
" إن أردت أن يخلدك التاريخ فألف كتاباً (ابن)، أو اخترع (بنتاً).. هؤلاء هم أبناؤك في الحياة الذين لن يموتون وهم شفعاؤك بعد الممات بإذن الله."
أولاً: أن المعرفة والاطلاع على الكتب والاختراعات هيَ الطريق الأول للابتكار، وأن لحظة الإلهام التي يتحدث عنها الجميع لن تكون مفيدة ما لم تدعمها المعرفة.
ثانياً: ليعلم كل مخترع بأن اختراعه مهم، ولكنه ليس أهم اختراع في الحياة، أي أن عليه أن يطلع دائماً على الاختراعات المشابهة في الفكرة، ويتعلم منها ويسمع لرأي منتقديه حتى يطور قدراته.
ثالثاً: على المخترع أن لا يفشي أسرار اختراعه لأحد، وأن لا ينتظر المفاجأة من السماء بمعنى أن عليه أن يخترع طريقة لدعم نفسه دون أن يظل منتظراً لمساعدة الآخرين.
رابعاً: ليصبح المخترع مخترعاً محترفاً يجب عليه تطوير مهاراته في التنمية البشرية، والإدارة، والرسم، واللغات وكل مهارة تنمي معرفته.
خامساً وهو الأهم: على كل مخترع أن يتبنى رسالة سامية تساعده على الصبر أثناء مسيرته في الاختراع، وبالنسبة لي فقد آمنت بالرسالة التالية:
" إن أردت أن يخلدك التاريخ فألف كتاباً (ابن)، أو اخترع (بنتاً).. هؤلاء هم أبناؤك في الحياة الذين لن يموتون وهم شفعاؤك بعد الممات بإذن الله."