يوسف مطر القوس– الطائف (مخترع سعودي) مواليد عام ١٩٩٥ م، طالب دكتوراه -حالياً- في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية “كاوست” هندسة ميكانيكية في معمل النانو والمايكرو للميكانيكا والحركة، وحاصل على البكالوريوس والماستر معاً في الهندسة الميكانيكية من الولايات المتحدة الأمريكية، جامعة ألاباما الرئيسية.
بدايتي مع موهبة والمشروع الوطني للتعرف على الموهوبين :
عندما كنت في الصف الثالث متوسط بمدينة الطائف، لم أتصور أن دخولي لاختبار موهبة "المشروع الوطني للتعرف على الموهوبين”، سيكون بدايـة الدخول لعالم الموهبة والاختراعات والبحث العلمي، وكنت حينها لا أعلم أي شيء عن هذا الاختبار، ولا عن المميزات والفوائد التي سأجنيها بعد اجتيازه.
ترشحت أنا وعدد من زملائي لحضور الاختبار بعد إلحاح كبير من معلميّ في المدرسة، وكان ذلك مطلوباً منهم بشكل إلزامي من إدارة التعليم، فسألناهم عن الاختبار وأهميته، ولكن الصدمة كانت بأنهم لا يعرفون عنه أي شيء، ويريدون منا فقط الدخول والتسجيل وقياس مستوى طلاب المدرسة.. لذلك لم يذهب لحضور الاختبار سوى أنا وزميلي من أصل ٨ طلاب ترشحوا لهم من قبل المدرسة، وعندما وصلت إلى مقر الاختبار وجدت تقريباً نحو ٦٠٠ طالب من طلاب الطائف المتميزين، فقلت في نفسي "مستحيل أن أكون من أفضل هؤلاء الـ٦٠٠ طالب إذا كان هناك ترتيب للدرجات"، فأكملت الاختبار دون أي ضغط ودون أي اهتمام كبير لجهلي بما بعده.
وبعد ٣ أشهر في الصيف، ظهرت نتائج الاختبار وترشحت لبرامج موهبة الإثرائية، وكانت هي نقطة الانطلاقة.
برامج موهبة الصيفية الإثرائية:
في الحقيقة استمررت بها لمدة ٣ سنوات متتالية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وأرامكو.. وكانت كالتالي:
1. كان أول برنامج لي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والذي كان له الأثر الأكبر لما جنيته لاحقاً في عالم الاختراعات ومجال تخصصي في الهندسة الميكانيكية. اجتمعنا حوالي شهر مع ٣٠ طالباً من خيرة شباب المملكة، واستفدت منهم الكثير، وأصبحوا فيما بعد أصدقائي الذين أفخر بهم.
2. تميزت في البرنامج في تلك السنة، وترشحت مرة أخرى للعام الثاني على التوالي في نفس البرنامج، واستفدت أكثر وأكثر، وكان لي عدة تجارب اختراعات لم تنجح، وأفتخر بها، وكان لها الفضل الكبير في تمرسي بمجال الاختراعات والخروج في نهاية البرنامج باختراعي الذي شاركت به في معرض iENA 2012 للاختراعات بألمانيا لاحقاً، بعد أن ترشحت به من بين برامج موهبة الصيفية الإثرائية لذلك العام.
3. وبسبب تميزي في برامج موهبة الصيفية الإثرائية للنسختين السابقة، ترشحت مرة ثالثة لبرنامج موهبة الصيفي بأرامكو السعودية لمدة شهرين مع نخبة جديدة من شباب وشابات المملكة الموهوبين والموهوبات، ولله الحمد فزت في نهاية البرنامج بجائزة أرامكو ٢٠١٣ لأفضل اختراع في البرنامج، ولذلك ترشحت لتمثيل طلبة أرامكو في مهرجان العلوم البريطاني بنيوكاسل باختراعي الثاني (علاج إرهاق السفر للرحلات الطويلة بالطيران)، وحصلت بعدها على تكريم خاص من رئيس شركة أرامكو معالي المهندس خالد الفالح، مع الحصول على منحة دراسية من قبل الشركة -آنذاك-.
(موقف في ذاكرتي لا أنساه)
هناك موقف حينما أتذكره أعلم لأنه لا يوجد مستحيل مع العزيمة والإصرار, في أحد برامج موهبة الصيفية وفي أول محاضرة لي في حياتي عن الاختراعات وطريقة التوصل للاختراعات، كان هناك محاضر متخصص براءات اختراع (م. منزل المطيري) فسألنا: مَن يريد أن يمثل المملكة العام القادم في معرض أيينا بألمانيا؟.. كنت أقول في نفسي إنه يستهزئ، من المستحيل أن أشارك العام القادم في المعرض، على الأقل أحتاج إلى 10 سنوات لمجرد المشاركة دون الفوز, فسبحان الله بعد عام ونصف العام تمكنت من المشاركة في المعرض وتحقيق الميدالية البرونزية وجائزة خاصة, فكنت أتذكر ذلك الموقف وأنا أستلم جائزتي.
بداية مسيرتي مع الاختراعات:
بدأت مسيرتي مع الاختراعات من خلال اكتشاف موهبتي في مجال الاختراعات وتطويرها وصقلها, وذلك من خلال برامج موهبة الصيفية الإثرائية, والتي كان لها الأثر الكبير في صقل موهبتي وتطوير قدراتي واكتشاف طاقاتنا الكامنة كموهوبين نحتاج لرعاية في هذا العمر, حيث إنني لم أكن أتوقع يوماً ما بأنني أستطيع أن أبتكر أو أحاكي جهازاً ما, وأتمكن من منافسة المخترعين العالمين, ولو سألتني في ذلك الوقت.. هل ستصبح مخترعاً في هذا العمر؟ لقلت من سابع المستحيلات, ولكنني كنت أحاول وأبذل قصارى جهدي أن أخترع جهازاً واحداً فقط على الأقل, ولكنني في تلك الفترة ابتكرت عدة ابتكارات لم يكتب لها النجاح، ولكنها كانت طريقاً لاختراعاتي الحالية، وقد استفدت من تجاربي السابقة وتعلمت منها الكثير الكثير، ولكن بفضل الله وتوفيقه وامتنانه، ثم بدعم مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع “موهبة” تحول المستحيل في مخيلتي بذلك الوقت إلى حقيقة أحمد الله عليها، وأستمتع بها، وأبدع فيها، لأنها أعطتني ثقة في نفسي بأنني مخترع، ولدي موهبة في الابتكارات لا بد من استغلالها وتنميتها وصقلها، فكانت دافعاً لي في ابتكاراتي الحالية والمستقبلية، وأيقنت أنه لا يوجد مستحيل بعد توفيق الله، مع العزيمة والإصرار والثقة بالنفس، واكتشاف الموهبة وتنميتها والاستفادة منها.
عالم الاختراعات:
بالنسبة لي فإن الاختراعات دائماً أشبهها بالقصيدة والشاعر من حيث الإلهام والخبرة والابتكار، فهي توفيق من الله لحل مشكلة معينة بطريقة إبداعية مبتكرة.. وكنت وما زلت عندما أواجه أي مشكلة أو أرى أناساً يواجهونها فإنني أسبح بفكري وتخيلاتي لحل هذه المشكلة بمهارات العصف الذهني، وأدون كل ما أرى احتمالية استخدامه، ومن ثم أنتقل إلى مرحلة البحث العلمي بالبحث والاستطراد ووضع الفرضيات وتجاوز العقبات التي واجهت الحلول السابقة، وبعد ذلك إذا وجدت الحل التقني وتوافرت فيه شروط الاختراع الثلاثة (الجدة، الخطوة الابتكارية، والقابلية للتطبيق الصناعي) فإنني أقوم حينها بصناعته اذا أمكن أو عمل بروتوتايب له ورسمات هندسية، ومن ثم أقوم بعدها بصياغة براءة الاختراع، والتقدم على مكتب البراءات السعودي أو الخليجي أو أي مكتب أريد الحصول على براءة الاختراع في ذلك البلد المناسب لتسويق اختراعي لاحقاً به.
- اختراعي الأول هو (التبليغ التلقائي عن الحوادث المرورية بشكل تلقائي خلال ٢٠ ثانية) الحائز على الميدالية البرونزية في معرض iENA 2012 للاختراعات بألمانيا من بين ٨٠٠ مخترع من ٣٨ دولة، وحصل على جائزة خاصة من المنظمة النمساوية لمخترعي المستقبل لعام ٢٠١٢، ووصلني عرضان من شركة Google Auto وشركة BMW لاستثماره خلال المعرض.
- اختراعي الثاني هو (لاختراع علاج إرهاق السفر للرحلات الطويلة بالطيران) الحائز على المركز الثالث في معرض ابتكار ٢٠١٣ بالشرق الأوسط في المجالات الطبية من بين ١٦٠٠ مخترع، والحائر على جائزة أرامكو للمخترعين لعام ٢٠١٣، وترشحت به للمشاركة بجناح أرامكو في مهرجان العلوم البريطاني ٢٠١٣، وحصل الاختراع على شهادة تقدير من منظمة الآياتا الدولية للطيران.
تكريم ودعم وإنجازات:
تم تكريمي ودعمي من سمو ولي العهد الأسبق الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود، ومن الأمير خالد الفيصل، ووزير التعليم العالي خالد العنقري، ووزير التعليم خالد السبتي، ووزير الطاقة خالد الفالح، ووزير الشؤون الإسلامية سليمان أبا الخيل، ومن سفير المملكة بالولايات المتحدة الأمريكية، ومدير تعليم الطائف الدكتور محمد الشمراني، وغيرهم ممن كان لهم الفضل والدعم -بعد الله تعالى- عليّ.
- الحصول على الميدالية البرونزية في معرض iENA 2012 للاختراعات بألمانيا من بين ٨٠٠ مخترع من ٣٨ دولة.
- الحصول على جائزة خاصة من المنظمة النمساوية لمخترعي المستقبل. (لاختراع التبليغ التلقائي عن الحوادث المرورية بشكل تلقائي خلال ٢٠ ثانية).
- الحصول على المركز الثالث في معرض ابتكار ٢٠١٣ بالشرق الأوسط في المجالات الطبية من بين ١٦٠٠ مخترع. (لاختراع علاج إرهاق السفر للرحلات الطويلة بالطيران).
- الفوز بجائزة أرامكو للمخترعين لعام ٢٠١٣، وتمثيل أرامكو في مهرجان العلوم البريطاني ٢٠١٣م.
- الحصول على شهادة تقدير من منظمة الآياتا الدولية للطيران.
- المشاركة في برامج موهبة الصيفية الإثرائية لمدة ٣ أعوام متتالية.
- المشاركة في عدة ملتقيات لموهبة.
- أحد طلاب برنامج التلمذة من موهبة، بالتعاون مع جامعة الطائف، خلال مرحلة الثانوية، لاستخدام معامل الجامعة تحت إشراف أكاديمي من قبل أعضاء هيئة تدريس كلية الهندسة.
كلمة أخيرة لزملائي الموهوبين:
في النهاية، أود أن أقول "لقد توافرت لنا جميع الوسائل المساعدة على الابتكار كمخترعين من برامج الدعم للمخترعين كبرنامج خادم الحرمين الشريفين لدعم براءات الاختراع، والذي يدعم المخترعين السعوديين في تسجيل براءتهم عبر حاضنة بادر، وكذلك برامج موهبة لرعاية الموهوبين وغيرها.
كلمة شكر:
أشكر الله أولاً وآخراً، وأشكر والدي "رحمه الله"، ووالدتي "أطال الله بعمرها"، فكان لهم الفضل الكبير في دعمي منذ الصغر، وزرع روح التحدي والإيمان بنفسي وقدراتي، ومن ثمّ دعمي مادياً ومعنوياً في بداية مسيرتي في عالم الاختراعات رغم إخفاقاتي الأولى، ولا أنسى مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع “موهبة” على دعمها لنا واستقطابنا كموهوبين من جميع مدن المملكة، ورعايتنا وتسخير جميع الجهود لدعمنا وتميزنا، فقبلها والله كنت في عالم ثانٍ، وبعد انضمامي لها أصبحت شخصاً مختلفاً كلياً في جميع المجالات، فلهم جميعاً الشكر والعرفان".