هي جمانة عبد الرحيم التركستاني، من جدة.. من لعبة المكعبات في طفولتها الأولى ابتدأت رحلتها مع التجربة والاكتشاف، فاكتشفت طرقاً عديدة لبناء المنزل، وأجرت تجارب كثيرة بين الفك والتركيب.. عندما كبرت قليلاً؛ لم يجذبها شيء لتقرأه وتتابعه كما كانت تجذبها المجلة العلمية "كيف تعمل الأشياء؟" "How Stuff Works?" كبرت أكثر وبدأت عملياً تتعرف على كيف تعمل الأشياء!
طفولة متميزة!
لأنها كانت تعلم ماذا تحب منذ طفولتها، ولأنها حظيت بأسرة واعية ومتعلمة استطاعت أن تشبع ميولها العلمية وتعززها، حصلت جمانة وفي وقت مبكر جداً على “وشاح موهبة للتميز”، وهي تكاد تبلغ الثانية عشرة من عمرها بعد! وذلك عن مشاركتها في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي الذي نظمته مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع عام 2008.
تقول جمانة: أن اشتراكها في البرامج الصيفية التابعة لإدارة الموهوبات أثرت كثيراً في شخصيتها، علمتها كيف تفكر في منتج، وكيف تضع خطة عمل لإنتاجه، وكيف تنجح وتبتكر!
في المرحلة المتوسطة؛ استطاعت جمانة أن تقود فريقها للفوز بثاني أفضل حل مبتكر على مستوى العالم في مسابقة الـFirst League في أميركا، كما دربت وهي في هذا العمر طالبات في المرحلة الابتدائية والمتوسطة على برمجة وتصميم الروبوت في برامج موهبة الصيفية.
وعن هذه التجربة قالت جمانة: بأن شخصيتها تغيرت تماماً، أصبحت أكثر قدرة على تحمل المسؤولية، واتخاذ القرارات، والتعبير عن الرأي، أما أحلامها فقد اتسعت وكبرت..!
جمانة: عالمة المستقبل!
ولأنها تعشق الاكتشاف منذ الصغر، فقد أحبت جمانة أن تبحث عن فرصة ذات لون مختلف، فقررت أن تخوض تجربة البحث العلمي، لاسيما أنها كانت تحلم بالمشاركة في معرض انتل الدولي منذ أربعة أعوام، وبين الخوف والحماس، والرهبة والرغبة، والطموح والحلم، اشتركت في مسار البحث العلمي في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي ولم تحقق الفوز فحسب، بل تم تصنيفها كواحدة من أفضل علماء المستقبل، وذلك بحسب خبراء في معرض انتل الدولي للعلوم والهندسة (Intel ISEF 2012) الذي أقيم في الولايات المتحدة الأميركية مؤخراً. الأصدقاء الناجحون هم أحد أسباب الرغبة في النجاح.. دائما احتفظ بالناجحين من حولك!
تقول جمانة: "كانت المشاركة رائعة ومميزة، حيث استطعت من خلالها مقابلة متخصصين ومدربين عالميين، كما تعرفت على طالبات طموحات جداً، ملأنني بالدافعية والحماس لنجاحات أخرى، ولا أنسى شعوري بالفخر حين رفع المشاركون السعوديون علم المملكة في المسابقة”.
لم أكن لوحدي!
"النجاحات العظيمة هي وليدة العزيمة والصبر والطموح بلاشك، لكن ثمة نجاحات قد تكون أكبر من مقدرتنا كأفراد بسطاء، وكشباب في أول الطريق،" النجاحات العظيمة هي وليدة العزيمة والصبر والطموح قالت ذلك جمانة وهي تصف تجربتها مع البحث العلمي، وأضافت: "أنا شخصياً كنت محظوظة جداً بوالدين اكتشفا موهبتي من عمر مبكر وسعيا جاهدين لإشباع فضولي العلمي، ودعمي وقت الضغط، وعند الحاجة، لاسيما أن معرض انتل للعلوم كان يسبق الاختبارات النهائية لمرحلة ثاني ثانوي تلتها اختبارات القدرات والاختبارات التحصيلية، الأمر الذي جعلني أعيش حالة ضغط إلى حد ما، لكنهما كانا هناك ليذكراني دوماً أنني قادرة وأن الأمور ستسير على ما يرام.
أيضاً، هناك أشخاص وجهات كثيرة دعمت مشروعي، منهم استشاريون وخبراء في مركز الملك فهد للأبحاث الطبية بجامعة الملك عبد العزيز، إضافة إلى أعضاء هيئة التدريس في جامعة الملك عبد العزيز وجامعة الملك سعود، واستشاريين من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ولا شك أن الفضل الأول والأخير بعد الله سبحانه وتعالى يرجع لمؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع، لأنها ساعدت في تأهيلنا بالورش التدريبية المكثفة على أيدي خبراء عالميين”.
مشروع جمانة:
“The Effect of Natural Herb Extracts on the Production of Dengue Fever Virus in Cell Culture”
عندما حدثت كارثة سيول جدة عام 2009، انتبهت جمانه إلى أن المياه الراكدة ساعدت على زيادة الإصابات بالفيروس، إذ وصل عددهم إلى 263 حالة، فبدأت بقراءة الأبحاث السابقة ووجدت أن عدد المصابين بالمرض حول العالم يصل إلى 22 ألف شخص سنوياً، بسبب مستنقعات المياه التي تساعد على تكاثر البعوض، ولذلك ابتكرت طريقة للقضاء على فيروس “حمى الضنك” الذي يسببه بعوض Aedes aegypti، وذلك باستخدام أربعة أنواع من مستخلص أعشاب طبيعية معروفة بتأثيرها على المخلوقات الدقيقة.
وذكرت جمانه أنها اتخذت خطوات للتأكد من صحة فكرتها، فأجرت مسحاً شاملاً وقراءة لآخر ما توصلت إليه الأبحاث العلمية التي لها علاقة بالموضوع مباشرة، ثم تواصلت مع مستشارين ومتخصصين من داخل وخارج المملكة، وبعدها بدأت بتصميم التجربة ثم تنفيذها على مراحل وخطوات.
أول طالبة سعودية تحصل على جائزة نوبل!
جمانة تركستاني الآن طالبة في السنة التحضيرية في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة..
نعم.. كبرت قليلاً.. وبلغت الثامنة عشر من عمرها.. ولكنها لازالت تمارس الحلم وتعيش الرغبة لنجاح آخر.. الفرق أن حلمها أصبح أكبر بكثير.. فهيَ تحلم بأن تصبح باحثة أكاديمية تساهم في تطوير الوطن واقتصاده إلى الأفضل، وأن تكون أول طالبة سعودية تحصل على جائزة نوبل في مجال الابتكار التقني..